Share :

تتحمل الحكومات الأردنية المتعاقبة من خلال ادارتها مسؤولية الخسائر التراكمية التي منيت بها شركة عالية – الملكية الأردنية، وصولا الى الحد القانوني للتصفية الاجبارية نهاية عام 2013، حيث تجاوزت الخسائر المتراكمة 75 % من رأسمال الشركة.

وبغية الحفاظ على الناقل الجوي الوطني من التصفية، بادرت الحكومة الى اعلان نيتها ضخ 50 مليون دينار كرأسمال جديد في الشركة، بهدف اطفاء الخسائر والنزول بالتالي تحت المستوى القانوني الموجب للتصفية الاجبارية.

بيد أن جزءا من الشركاء غير الحكوميين، وعلى رأسهم مجموعة ميقاتي للاستثمار، رفضوا فكرة الحكومة رفع رأس المال، كما رفضوا هم أنفسهم ضخ المزيد من رأس المال في الشركة، وصولا الى حد التهديد بتعطيل عملية الرفع و المطالبة بتصفية الشركة.

الحكومة من جهتها ترفض فكرة تصفية «الملكية»، وفي الوقت ذاته لا ترغب في خوض معركة كسر عظم مع مستثمرين عرب وأجانب هي في أشد الحاجة لاستقطابهم ضمن الوضع الاقتصادي الراهن.

للأسباب السابقة، بدأت الحكومة التفكير بشراء حصة المستثمر اللبناني بسعر مغر، أو بمبادلة أسهمه في «الملكية» بأسهم تمتلكها أو يمتلكها الضمان الاجتماعي في شركات أردنية أخرى في بورصة عمان.

السيناريو الحكومي «كارثي» نتيجة كونه «لغوصة مالية» لا يمكن التنبؤ بنتائجها مستقبلا، بالاضافة الى أن هذا السيناريو يكرس المشكلة الرئيسية لدى «الملكية الاردنية» ممثلة بادارتها من قبل الحكومة، بدلا من علاج هذه المشكلة.

فما الذي يضمن عدم استمرار سهم الملكية بالتراجع بعد شراء حصة المستثمر اللبناني بسعر مرتفع وغير عادل؟ و ما الذي يضمن أن لا ترتفع أسعار الأسهم التي تبادلها الحكومة مع ميقاتي أضعافا مضاعفة مستقبلا بينما ينخفض سعر سهم الملكية، لتكون الحكومة قد غبنت ودخلت ضمن دوامة شبهات الفساد؟ ومن الجهة التي يمكن أن تثبت بأن تقييم الأسهم الخاضعة للمبادلة مساو للقيمة العادلة التي قد تحيد عن السعر السوقي القائم حاليا لأسهم بورصة عمان؟

تفاديا لجميع ما سبق، يجب على الحكومة والرأي العام ابتداء تحديد السبب الذي دفع مجموعة ميقاتي الى مقاومة عملية رفع رأسمال الملكية، وتوجهها الواضح للخروج من الشركة تحت مظلة أعظم مكاسب ممكنة.

لو كان هذا السبب عدم ايمان المستثمر اللبناني بمستقبل قطاع الطيران، فتكون الحكومة في حل من أمرها منه، اذ ان الخطأ حينها يكمن في القرار الاستثماري الذي لا يتحمل عواقبه الا المستثمر ولا أحد آخر غيره.

بيد أن السبب الأرجح لتعنت المستثمر العربي عدم ايمانه بقدرة الحكومة الاردنية على ادارة الشركة، وذلك كردة فعل طبيعية على الخسائر التي كبدتها هذه الادارة الحكومية للشركة عبر سنوات طوال مضت.

فكيف يمكن اذا للمستثمر الموافقة على سيناريو رفع رأس المال الذي سيحافظ على سيطرة الحكومة على الادارة، لتبقى أو تتضاعف بالتالي مشكلة الادارة وتتفاقم الخسائر؟

جرد وتحليل المعطيات السابقة يقود الى اقتراح متوسط يمكن أن يجنب الحكومة والناقل الوطني والخزينة «لغوصة مالية» غير مأمونة العواقب على المال العام من جهة و الملكية الاردنية من جهة أخرى.

هيكل المقترح أن تقوم الحكومة بتسليم ادارة «الملكية» للمستثمر الأجنبي ذي الحصة الأكبر، أي ميقاتي، لمدة تعاقدية يمكن أن تكون 5 سنوات أو 10 سنوات، وذلك مقابل رسوم ادارة ثابتة ومتغيرة مرتبطة باداء الشركة المالي. في مقابل خصخصة ادارة الشركة لصالح مجموعة ميقاتي الاستثمارية، يتم الاتفاق بالتراضي برفع رأسمال الشركة بشكل يحافظ على حصص المساهمين.

وبدلا من الدخول في متاهات مبادلة الاسهم وشرائها على أسعار غير سوقية، تقوم الحكومة، واعترافا منها بمساهمة ادارتها سابقا للشركة في الخسائر المتراكمة، بتقديم مبلغ مالي كدعم مباشر للناقل الوطني ممثلا بالملكية الاردنية و ليس الى أحد الشركاء من خزينة الدولة، وتحت غطاء ملحق موازنة يوافق عليه مجلس الأمة. تلخيص المقترح: تسليم الادارة لميقاتي لأجل محدد مقابل أجور ثابتة ومتغيرة مرتبطة بالاداء، وتقديم دعم مالي للشركة من خزينة الدولة عبر ملحق موازنة توافق عليه السلطة التشريعية.

أهمية المقترح: عدم الخوض في متاهات مالية يمكن ان تغبن الحكومة والمال العام، والحفاظ على الشفافية من خلال تقديم الدعم بصورة مباشرة للشركة وليس لأحد الشركاء وذلك ضمن مظلة موافقة السلطة التشريعية، و تعظيم كفاءة الناقل الوطني من خلال ادارة كفؤة غير حكومية، مع المحافظة على رضا المستثمرين الاجانب و الشركاء بمختلف جنسياتهم.

المقترح في هذا التحليل يتلاءم مع مخرجات تقرير التخاصية الأخير من خلال سعيه لخصخصة الادارة، و عدم الدخول في عمليات تقييم غير عادلة، والامتثال لما يحتاج موافقة السلطة التشريعية.

Comments (0)
Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked. *