Share :
يبدو أن الفرحة لم تكتمل بالعوائد الاستثنائية التي حققتها الخزينة من رخص الكهرباء والاتصالات، ولا بتعليمات الصكوك التي يفترض أن توفر تمويلا اضافيا للحكومة بمئات ملايين الدنانير. بالنسبة لعوائد الكهرباء والاتصالات، فقد بات من شبه المؤكد أن تستغل حصيلتها كاملة في انقاذ شركة عاليا الملكية الاردنية وتسديد مستحقاتها المالية للبنوك الدائنة والجهات المحلية وشركات الطيران العالمية. ذلك أن التكاليف المشار لها سابقا تتجاوز بحدها الأدنى الـ 500 مليون دينار حتى اللحظة، في حين الرقم مهيأ للتعاظم، خاصة في ظل استمرار الادارة الحكومية للشركة. أما بخصوص الصكوك الاسلامية، فأغلب الظن أن اقتراض الحكومة عبرها لن يوفر المزيد من التمويل للخزينة، انما سيستغل في تغطية ذمم الحكومة القائمة لمصلحة شركة مصفاة البترول الاردنية. ذلك أن استمرار المصفاة بالاقتراض عوضا عن الحكومة المتخلفة في تغطية ذممها لم يعد ممكنا، خاصة في ظل انزعاج البنك المركزي من توسع اقتراض المصفاة من البنوك التجارية. كما يضاف الى انزعاج «المركزي» ما ألم بالملكية الأردنية من تعثر مالي هدد مصالح البنوك الدائنة للشركة، ما يحتمل أن يخفض من شهوة البنوك المحلية لاقراض المصفاة على المديين المتوسط والبعيد. بالمحصلة، استنزفت شركات «ميتة سريريا» العوائد والانجازات الاستثنائية جميعها التي حققتها الحكومة منذ مطلع عام 2014، في وقت تنتظر المملكة موجة تقشفية جديدة بطلب من صندوق النقد الدولي ابتداء من عام 2015. لا يقلل الطرح السابق من الجهد الحكومي في تعزيز عوائد الخزينة ومصادر تمويلها، فلولا هذا الجهد لكـــــان الاقتـــــصاد الاردني اليوم أمام كارثة مالية يصعب تداركها. بيد أن المحزن بقاء الاقتصاد الاردني مكانه من دون تقدم يذكر، برغم تحصيل 500 مليون دينار من الايرادات الاستثنائية المترتبة على رخص الكهرباء والاتــــصالات، وتامــــين مـــــصادر تمويل لنحــــو مليار دينار مــــن جراء اقـــــرار تعليمات الصكوك الاسلامـــية. كثيرة هي الدروس المستقاة مما حدث مع الحكومة هذا العام، وفي مقدمتها تعزيز مركزية وشفافية ادارتها المالية بحيث تشمل كافة المؤسسات الحكومية المستقلة، والشركات التي تساهم فيها الحكومة، بدلا من التركيز بشكل منفصل على موازنة الحكومة المركزية. كما يؤشر ما حصل مع الملكية والمصفاة، الى ضرورة انسحاب الحكومة من ادارة الشركات المساهمة العامة، والتحول بشكل استراتيجي نحو الاستثمار السلبي البعيد عن الادارة. ذلك أن ادارة الحكومة أسهمت في خسائر هذه الشركات من جهة، وجعلت من مسؤولية الحكومة الأدبية انقاذ المفلس منها من جهة أخرى. من جهتها، تحتاج الحــــــــكومة اليوم الى تحديد مواطن التهديد المالي لموازنتها، عبر تحديد الشركات «الميتة سريريا» والأخرى المعرضة للخــــسائر، ووضع برنــــامج اصلاح وطني لهذه الشركات، بــــدلا من ترك المـــــشكلة تتفاقم الى حد استنزاف منجزات الاقتصاد المحلي. الاقتصاد الأردني ليس رشـــــيقا بحيث يحتمل افلاس شركات كبرى ودخول أخرى بلمح البصر. لذلك، ينبغي على الحكـــومة تطبيق نوع من التخطيط المركزي لدى تعاملها مع الشركات الكبرى ومنافع الخدمات العامة. أول خطــــوة على هذا الصعيد اعداد مـــــيزانيات موحدة للحكومــــة تــــشمل الوزارات والمؤســــــــسات المستقلة والشــــركات التي تساهم فيها الحكومة.
Comments (0)
Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked. *