حافظت الصناعة الأردنية على ديمومة انسياب منتجاتها للأسواق التصديرية، على الرغم من ان الأرقام الرسمية تشير إلى أن قيمة الصادرات الصناعية المحلية، تراجعت بنحو طفيف، بنسبة 1 بالمائة خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بقيمة صادرات الفترة نفسها من العام السابق، إذ بلغت 3ر1702 مليون دينار، مقابل 3ر1714 العام 2019.
ويعزو صناعيون هذا الاستقرار، إلى تميز المملكة صناعيا خلال الجائحة، وقدرة بعض قطاعاتها الصناعية على التعامل بابتكارية ومرونة مع الظروف الصعبة التي فرضها الحظران الشامل والجزئي، رغم تراجع الطلب العالمي على السلع غير الأساسية، وتقييد حركة سلاسل التوريد بين بلدان العالم.
وركزت التوجيهات الملكية السامية والمبادرات على دعم القطاعات الإنتاجية، خاصة القطاع الصناعي، إذ زار جلالة الملك عبد الله الثاني بعض المنشآت التي أثبتت نجاحها في العمل خلال الجائحة، لما قدمته من مرونة في تلبية احتياجات المملكة، ما أعطى القطاعات مسؤوليات كبيرة لرفع سوية الصناعة، بما يلبي الطموحات والتوجيهات الملكية.
ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن، إيهاب القادري قال لوكالة الانباء الأردنية(بترا)، إن حجم خسائر القطاع الصناعي لا يمكن تقديره بدقة حالياً، إذ تسود حالة من “الضبابية” على مشهد الاقتصاد المحلي، واحتمالية عودة الحركة الاقتصادية كاملة أو لا ، وارتباط ذلك بمدى احتواء الفيروس والقدرة على السيطرة عليه، وصعوبة التنبؤ بالفترة التي سينتشر لقاح الفيروس فيها عالميا.
وبين القادري أن القطاع الصناعي، ما يزال متأثرا من تداعيات الحظر الشامل الذي فرض في بداية الأزمة، إذ تراجعت مستويات التصدير التي تشكل الصناعة نحو 93 بالمائة منها، وتراجعت القدرات المالية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ما أجبرها على عدم الإيفاء بالتزاماتها، إضافة لتحديات الحصول على مواد أولية لازمة لاستمرارية الإنتاج، كارتفاع تكاليفها، أو انقطاع سلاسل التوريد الخارجية، ما أدى إلى تراجع المبيعات، نتيجة ضعف الطلب، خاصة على السلع غير الأساسية منها.
وأضاف إن القطاع الصناعي باستمرار عمل القطاعات التي تنتج سلع أساسية خلال الأزمة، دعماً للمخزون الاستراتيجي وتلبية لاحتياجات المواطنين، كالمواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية والصحية والمعقمات والمنظفات، وقطاع التعبئة والتغليف.
كما تأثر بالقطاعات غير الأساسية، التي توقفت عن العمل خلال الجائحة لأكثر من شهر، وبعضها يعاني من تداعيات ذلك حتى بعد عودته للعمل، بسبب ضعف الطلب المحلي والعالمي، كالصناعات الغذائية الثانوية، والبلاستيكيات والمطاط، والصناعات الخشبية والأثاث، والصناعات الانشائية، والجلدية والمحيكات، والصناعات الهندسية والكهربائية.
وأشار القادري إلى انخفاض الرقم القياسي لكميات الإنتاج الصناعي خلال النصف الأول من العام الحالي بأكثر من 20 بالمائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة تراجع الرقم القياسي لكميات إنتاج الصناعات التحويلية بنسبة 5ر21 بالمائة التي تشكل أهميتها النسبية حوالي 86 بالمائة من إجمالي الإنتاج الصناعي. ويعزو هذا التراجع الكبير بشكل رئيسي الى تبعات فترة الإغلاق التي شهدتها معظم القطاعات الصناعية خلال شهر نيسان، وما يؤكد على ذلك تراجع الرقم القياسي لكميات الإنتاج لشهر نيسان بنسبة 88 بالمائة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.
من جانبه، اكد الصناعي والمحلل الاقتصادي المهندس موسى الساكت، أن عدد القطاعات الصناعية في الأردن هو 10، تضرر منها 7 قطاعات، لعدد من التحديات، كصعوبة التدفق المالي، بسبب تأخر بعض أصحاب العمل في الحصول على قروض تمويلية، والإغلاقات الناجمة عن الحظر الشامل في بداية الجائحة، إضافة الى عدم حصول بعضها على قروض إطلاقاً، كما أن بعض الصناعات خسرت أسواقا خارجية وألغيت طلبياتها الخارجية، وخسارة سوقية بسبب تراجع القوة الشرائية للمواطنين.
أما القطاعات التي تميزت خلال الجائحة، فهي الصناعات الغذائية، وبعض الصناعات الكيماوية والصناعات الدوائية، وزادت نسبة العمالة فيها على عكس باقي القطاعات، وحصلت على الفرص التي أوجدتها جائحة كورونا.
واوضح مؤسس مجموعة العملاق الصناعية حسن الصمادي، أن القوة الشرائية للمواطنين انخفضت بفعل انخفاض رواتبهم، وصعوبات التصدير، وارتفاع تكاليف الشحن، وتراكم الدين بسبب نقص السيولة، وكلها عوامل أبطأت من دورة رأس المال، ما خفّض الأرباح، وزاد الخسائر.
وأضاف إن جائحة كورونا زادت من معاناة القطاع الصناعي، إذ تراكمت الذمم المستحقة على المنشآت، وتأخرت الرواتب، وتوقفت خطوط الإنتاج، ما زاد من ارتفاع التكاليف التشغيلية، مشيراً إلى أن إعادة القطاع للعمل كانت تدريجية محفوفة بالمخاوف الصحية والاقتصادية معاً.
ودعا الصمادي إلى وضع شروط أكثر صرامة للاستيراد، لإفساح المجال أمام الصناعة المحلية لتعرض نفسها بالسوق المحلية، خاصة أن معظم الدول اتجهت للصناعة المحلية الداخلية، بسبب صعوبات الاستيراد والتصدير، فأصبح البحث عن أسواق جديدة أمر في غاية الصعوبة في ظل جائحة كوروناوانخفض الرقم القياسي لأسعار المنتجين الصناعيين، خلال السبعة أشهر الأولى من العام الحالي بنسبة 86ر7 بالمائة، ليصل الى 76ر110 مقابل 21ر120، لنفس الفترة من عام 2019.
وفي تقريرها الشهري حول التجارة الخارجية في الأردن، أشارت دائرة الاحصاءات العامة إلى أن قيمة الصادرات الكلية خلال النصف الأول من العام الحالي، بلغت 3ر2523 مليون دينار، بانخفاض نسبته 3ر7 بالمائة، مقارنة بنفس الفترة من عام 2019.
وبلغت قيمة الصادرات الوطنية خلال النصف الأول من هذا العام نحو 6ر2211 مليون دينار، بانخفاض نسبته 5ر3 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام 2019، وبلغت قيمة المعاد تصديره 7ر311 مليون دينار، خلال النصف الأول من هذا العام، بانخفاض نسبته 3ر27 بالمائة، مقارنة بنفس الفترة من العام 2019.
وبلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية السلعية للأردن، وهي الصادرات الوطنية والسلع المعاد تصديرها والواردات، خلال العام الماضي 63ر19 مليار دينار وفق دراسة أجرتها غرفة تجارة عمّان، وهو ما يقترب من حجم التجارة الخارجية في 2018 الذي سجل 7ر19 مليار دينار.
وتضمنت الدراسة، أكبر 20 دولة تستورد المملكة منها بضائع، كالسعودية، الصين، الولايات المتحدة، تركيا، الهند، ألمانيا، ومصر.
وأشارت إلى أن الأردن يصدر الى عدة دول منها: الولايات المتحدة، السعودية، الهند، العراق، الكويت، الإمارات، والصين.
يذكر ان القطاعات الصناعية الـ10 في الأردن تشمل الصناعات الخشبية والأثاث، الصناعات البلاستيكية والمطاطية، والصناعات الهندسية والكهربائية وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل، والصناعات العلاجية واللوازم الطبية، والصناعات الجلدية والمحيكات، والصناعات الغذائية والتموينية والزراعية والثروة الحيوانية، وصناعات التعبئة والتغليف والورق والكرتون واللوازم المكتبية، والصناعات الإنشائية، والصناعات التعدينية.