الاخبار

مقال - اقتصاد سنغافورة والتجربة السنغافورية .. ماذا ينقصنا ؟

تتقدم الدول من خلال تقدم اقتصادها في مختلف الأصعدة كالاعتماد على التصنيع وتحسين ميزانها التجاري المتمثل في زيادة صادراتها وتخفيض وارداتها وبتحسين ناتجها المحلي الإجمالي وبالقضاء على الفقر والبطالة بين سكانها والتحكم في معدلات التضخم وما لا يقل أهمية هو التعليم الذي يُعد أمراً فعالاً في التقدم. قد يبدو في الحقيقة هذا واقعاً اقتصادياً تقوم به اقتصادات دول عدة محاولةً الوصول للتفوق وبلوغ معدلات نمو تحظى باحترام الجميع التي بدورها تنعكس على البلد وسكانه ومستوى معيشته وتطور بنيته التحتية.

 

أغلب اقتصادات الدول تبدأ من نقطة معدمة وضعيفة, مدمرة تماماً كألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية, أو عند نشوء دول بمفهومها الحضاري الحالي كدول الخليج العربي عند استقلالهم أوائل العقد السابع من القرن الماضي, أو عند دول تتابع نموها بشكل دؤوب حتى عند حدوث النكسات العالمية كاقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية عندما واجه نكسة 1929 وأزمة الرهن العقاري نهاية عام 2007 وبداية عام 2008 (يمكنكم الاطلاع عليها من خلال مقالتنا "أزمة الرهن العقاري 2007: كواليس الحكاية والنتائج")

نبذة تاريخية عن سنغافورة

 

كانت سنغافورة تحت سيطرة بريطانيا في عام 1819 التي أنشأت مرفأً بحرياً لتحقيق أغراضها التجارية مما ساعد على هجرة الكثير من الصينيين وسكان الهند للعمل بسنغافورة, الأمر الذي ساعد على تطور اقتصاد الجزيرة. استقلت سنغافورة بعد ذلك عن الحكم البريطاني عام 1959 بسبب انتشار المجاعات.

 

بعد انتشار المجاعات اتجه "لي كوان" رئيس الوزراء آنذاك إلى طلب المساعدات الدولية ولكن محاولاته باءت بالفشل فأدرك أن تقدم بلاده لن يتم إلا بالاعتماد على الذات بهدف بناء وطن مزدهر فاندمجت مع ماليزيا عام 1963 بعد ذلك حتى تخلت ماليزيا عنها بسبب تخلفها وفقرها فانفصلت عن إتحاد الملايو. في ذلك الوقت كان أكثر من ثلثي سكان سنغافورة بلا عمل بعد الانفصال أي حوالي ثلاثة ملايين نسمة عاطلين عن العمل يعيشون في أحياء فقيرة تفتقر إلى الموارد الطبيعية والصرف الصحي فكان الحل الامثل لهذه المشاكل هو الاتجاه نحو التصنيع فبدأ التفكير في التصنيع وتبني المشروعات كثيفة العمالة.

 

ولكن كانت تكمن هناك مشكلة فقد كان معظم السكان قادرين على العمل في المجالات التجارية والخدمية ولكن ليس لديهم الخبرة في المجالات الأخرى فاضطرت البلاد للبحث عن فرص عمل خارج حدودها من أجل التنمية الصناعية فأقامت علاقات تجارية مع أوروبا وأمريكا فيما يعرف بإسم "مجلس التنمية الاقتصادية" الذي كانت مهمته جذب الاستثمارات الأجنبية إلى سنغافورة فقد دعت الشركات الأجنبية للاستثمار بها دون قيود أو رسوم على الواردات.

 

وقد تمكنت من الوصول للعالمية عن طريق العرب فأقامت العديد من الشركات متعددة الجنسيات وجذب الكثير من المستثمرين من خلال تخفيض الضرائب, وبعد ذلك انتقلت سنغافورة نقلة تاريخية عملاقة  من دولة متخلفة مليئة بالمظاهرات ينتشر فيها الظلم والنهب وقتما تخلى عنها "الإتحاد الماليزي" — الذي كان أملها الوحيد في التخلص من أزماتها — إلى دولة متقدمة وواحدة من أغنى دول العالم وأكثرها تقدماً والمؤشرات الاقتصادية التالية تثبت ذلك:

 

فقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي في سنغافورة  364.16 مليار دولار ويعد حجم الناتج المحلي الإجمالي مرتفعاً بالنسبة لدولة مثل سنغافورة حجم سكانها قليل حيث يبلغ 5.5 مليون نسمة لا تتجاوز نسبة البطالة بها 2.1% وتقوم بتصدير العديد من الصناعات مثل الإلكترونيات والاتصالات والأدوية والكيماويات بالإضافة إلى الميكنة والمعدات, وتبلغ صادراتها 329.7 مليون دولار أمريكي وأكثر وارداتها من النفط والغذاء المعلب.

 

ووصلت الإيرادات إلى 22.6 مليار دولار بينما النفقات وصلت إلى 20.9 مليار دولار أي أنه لا يوجد عجز نقدي بالموازنة العامة للدولة بينما يبلغ الدين العام في سنغافورة 104% من الناتج المحلي الاجمالي وهذا الرقم يعد خطيراً لأنه تجاوز الحدود الأمنة، أما الذي يقلل من حجم الخطر هو أن سنغافورة دولة متقدمة تعتمد على التصنيع من أجل التصدير مما يحقق لها فائضاً يمكنها من السداد.

 

بالإضافة إلى وصول معدل التضخم إلى 0.6% في عام 2019 وهو معدل جيد لانخفاضه كثيراً إلا أنه قد يرتفع ارتفاعات طفيفة تصل إلى 0.8 أو 0.9 بسبب زيادة أسعار السلع الغذائية والنفط كما أن معدل النمو الاقتصادي وصل إلى 3% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي والمتوقع أن ينمو بـ 3.5% في السنوات التالية وهو معدل أكثر من رأئع بالنسبة لعدد السكان الذي ينمو بمعدل 1% وبالتالي فإن معدل النمو الاقتصادي ينمو ثلاث أضعاف معدل النمو السكاني.

 

والجدير بالذكر أن سنغافورة لا تعاني من الفقر لأنها لم تحدد خط الفقر, ويبلغ دخل الفرد في سنغافورة 57 ألف دولار مثل الولايات المتحدة الأمريكية تماماً، كما أن من الحقائق المذهلة أنه من بين كل 34  فرد سنغافوري يوجد مليونير.

 

وأخيراً, يعد التعليم حجر الأساس الذي بني عليه التقدم في سنغافورة فقد اهتم "لي كوان" بتعليم الطلاب مهارات التفكير الإبداعي بعيداً عن الأنماط التقليدية في التعليم فقد أنشأ نظام تعليمي متكامل للقضاء على الأمية والبطالة لتوفير ما تحتاجه البلاد من أيدي عاملة.

 

كما خصصت الدولة خُمس ميزانيتها للتعليم (أي 20% منها) بالإضافة إلى دفع المعلمين إلى تحسين وتطوير مهاراتهم وإشراكهم في تطوير الملابس الدراسية وتم الاعتراف بنجاح تجربة سنغافورة في التعليم حيث حصد طلاب سنغافورة مراكز متقدمة على مستوى العالم في الرياضيات, كما احتلت جامعة سنغافورة المركز الأول عالمياً في تصنيف تايمز البريطاني. كما تُعد سنغافورة أحد نمور الاقتصاد الأسيوي وأسرعها نمواً على مستوى العالم كما إنها الشريك التجاري الخامس للولايات المتحدة الأمريكية كما احتلت المرتبة الثانية في القدرة التنافسية الاقتصادية على مستوى العالم.

 

ما الذي فعلته سنغافورة حتى تصل إلى تلك المعدلات المرضية من المؤشرات الاقتصادية السابقة؟

 

الإنجازات في سنغافورة ليست من قبيل الصدفة وإنما كانت نتيجة للعديد من السياسات العامة مثل البنية التحتية عالية المستوى فقد أقامت سنغافورة العديد من شبكات الربط لمئات الموانئ في جميع أنحاء العالم كما وقعت العديد من اتفاقيات الخدمات الجوية مع 130 دولة ومن المتوقع عند استكمال ميناء الجيل القادم أن يكون قادراً على التعامل مع 65 مليون حاوية شحن.

 

كما شجعت سنغافورة القطاع الخاص وأشركته في اتخاذ العديد من القرارات ووضع العديد من السياسات المشتركة بينهما خصوصاً في خدمات الموانئ وقد ساهم ذلك بشكل كبير في زيادة حجم السلع مما جعلها قادرة على الاستثمار في 40 محطة شحن على مستوى العالم, هذا كله من خلال تقديم الحوافز وتوفير المناخ الملائم للاستثمار.

 

إذاً, ماذا ينقص الدول النامية؟

 

من الاخطاء الشائعة أن الدولة لا تمتلك موارد فأي دول لديها موارد قد لا تكون اكتشفت بعد أو من المحتمل أن يكون لدى الدول عجز في مورد معين لكن سيكون لديها موارد أخرى يجب عليها استغلالها بشكل أكفأ أو قد يكون جزء من الموارد مهدر وبالتالي لابد من تقليل حجم الهدر, فلتتبع الدول تجربة سنغافورة في بناء اقتصادها القائم على التخطيط الاستراتيجي الجيد والنظر إلى نصف الكأس الممتلئ لكي تحظى بمكانة عالية بين دول العالم فالشيء الذي ينقص الدول النامية هو النظر إلى مواردها ومحاولة استغلالها بالشكل الأمثل بالإضافة إلى الإرادة السياسية التي تخطط وتنفذ.

AED 3.963967 AFN 75.55746 ALL 101.30089 AMD 434.980403 ANG 1.945159 AOA 898.602414 ARS 391.872477 AUD 1.641738 AWG 1.945609 AZN 1.83911 BAM 1.951163 BBD 2.179241 BDT 118.727851 BGN 1.956081 BHD 0.406926 BIF 3076.27544 BMD 1.079395 BND 1.445578 BOB 7.458517 BRL 5.320552 BSD 1.079345 BTC 2.4502206E-5 BTN 89.91873 BWP 14.704532 BYN 3.555384 BYR 21156.139868 BZD 2.1756 CAD 1.465548 CDF 2833.411667 CHF 0.944331 CLF 0.034383 CLP 948.733635 CNY 7.712922 COP 4330.802152 CRC 569.641009 CUC 1.079395 CUP 28.603965 CVE 110.691654 CZK 24.353091 DJF 191.829744 DKK 7.45612 DOP 61.311425 DZD 145.306735 EGP 33.25022 ERN 16.190923 ETB 60.126799 EUR 1 FJD 2.414281 FKP 0.854614 GBP 0.856389 GEL 2.903492 GGP 0.854614 GHS 12.952806 GIP 0.854614 GMD 72.670324 GNF 9293.589631 GTQ 8.450839 GYD 225.810698 HKD 8.439141 HNL 26.715125 HRK 7.600635 HTG 142.760739 HUF 379.546513 IDR 16711.299645 ILS 4.016914 IMP 0.854614 INR 89.964164 IQD 1414.007308 IRR 45631.419177 ISK 150.499725 JEP 0.854614 JMD 167.387642 JOD 0.765724 JPY 158.869691 KES 165.472697 KGS 96.405837 KHR 4446.027589 KMF 492.767868 KPW 971.432406 KRW 1415.016552 KWD 0.333382 KYD 0.899492 KZT 497.76324 LAK 22375.855832 LBP 16289.565459 LKR 354.109964 LRD 203.061163 LSL 20.492312 LTL 3.187172 LVL 0.652915 LYD 5.20808 MAD 10.899193 MDL 19.10422 MGA 4889.658631 MKD 61.596447 MMK 2266.587105 MNT 3727.592862 MOP 8.691427 MRO 385.343791 MUR 47.771365 MVR 16.579786 MWK 1812.304609 MXN 18.733656 MYR 5.044549 MZN 68.271673 NAD 20.486856 NGN 866.204489 NIO 39.620657 NOK 11.782799 NPR 143.869768 NZD 1.755641 OMR 0.415555 PAB 1.07937 PEN 4.049838 PGK 4.020476 PHP 59.695389 PKR 307.049871 PLN 4.32202 PYG 7979.962231 QAR 3.930093 RON 4.964572 RSD 117.099 RUB 97.374909 RWF 1349.783311 SAR 4.046178 SBD 9.148071 SCR 14.459386 SDG 648.715996 SEK 11.313829 SGD 1.446777 SHP 1.313354 SLE 24.432409 SLL 21318.049477 SOS 616.876244 SRD 40.79951 STD 22341.294959 SYP 14034.131719 SZL 20.492326 THB 37.99784 TJS 11.802144 TMT 3.788676 TND 3.375811 TOP 2.545915 TRY 31.208869 TTD 7.313552 TWD 34.000182 TZS 2698.486949 UAH 39.602571 UGX 4096.303363 USD 1.079395 UYU 42.08 UZS 13271.160363 VEF 3835832.26208 VES 38.29523 VND 26197.993405 VUV 128.655007 WST 2.935907 XAF 654.416979 XAG 0.044578 XAU 0.000534 XCD 2.917119 XDR 0.809883 XOF 654.663774 XPF 119.481816 YER 270.199494 ZAR 20.436827 ZMK 9715.848773 ZMW 25.876267 ZWL 347.564715